السلام عليكم والرحمة والبركة
تناقشنا في ما مضى عن العلاقات الاجتماعية بين الاشخاص و كان هذا في نطاق محدد و حيز صغير , و لكنه مبدا هذه العلاقات و توسعها على حساب افراد اخرين ...الزوج ..الزوجة ...الابناء ... الجد .... الاقارب ...الى ان يصل الى العلاقات الاجتماعية بين الاسر و اثرها عليهم .
اذن ....
الاُسرة في وضعها الاجتماعي جزء من المجتمع .. والمجتمع بطبيعته مجموعة من الاُسر والأفراد .. والعلاقات الاجتماعية قضيّة أساسيّة في حياة الاُسرة . فلا بدّ من أن تكون للاُسرة علاقات مع بقيّة الاُسر .. لا سيّما الأقرباء والأرحام والجيران .
فالاُسرة الناجحة ، والصحيّة في سلوكها الاجتماعي ، هي الاُسرة التي تكون لها علاقات صداقة، وتعارف مع اُسر اُخرى.. فللعمّ والخال، والعمّة والخالة ، والاُخت المتزوِّجة والأخ المتزوِّج ... إلخ ، اُسر . ويجب أن تكون لاُسرتنا علاقة ودِّيّة ، وروابط وثيقة مع تلك الاُسر ..
إنّ التزاور ، والمشاركة في المناسـبات السارّة ; كالأعياد ، وليالي رمضان ، والزّواج ، والنجاح المدرسي ، أو الأحزان ، أو عند حدوث المشاكل ، أو في حالات المرض ، هي واجب أخلاقي ، وموقف يُعبِّر عن الطّبيعة السّليمة للاُسرة ، وعمل يحبّه الله سبحانه ، ويؤجر عليه ..
فصلة الرّحم من أهم الأعمال التي ندب إليها القرآن، واعتبر التشريع الاسلامي قطيعة الرّحم من الذنوب الكبائر. وأنّ صلة الرّحم من أفضل الأعمال ، وإن كان ذلك الرّحم أو القريب قاطعاً ..
وصلة الرّحم تدفع البلاء ، وتوسِّع الرِّزق ، وتجلب المحبّة والتعاون ، وتشعرهم بردّ الجميل ، والوقوف إلى جنب الاُسرة عندما تقع لديها المشاكل الحياتية ، كما تدعوهم إلى مشاركتها في أفراحها وأحزانها ..
وتلك هي الحياة الاجتماعية .. محبّة وتعاون ، ومشاركة وجدانيّة وفعليّة في السّرّاء والضّرّاء ..
إنّ الاُسرة التي تعيش منكفئة على نفسها ، منعزلة عن الآخرين ، هي اُسرة فاشلة اجتماعيّاً ، سواء كانت تلك العزلة بسبب الغرور المالي أو الاجتماعي ، والتعالي على الآخرين ، أو بسبب الطّبيعة الانطوائية والانعزالية ..
وكلّ تلك صفات سـيِّئة تسيء إلى سمعة الاُسرة ، وتُربِّي أفراداً فاشلين اجتماعيّاً، يفقدون احترام الآخرين وتعاونهم .. وليس في المجتمع الانساني مَن يستغني عن الآخرين ..
وعندما تحدث مشاكل مع بعض الاُسر ، كاُسرة الاُخت أو الأخ أو الأعمام أو الأخوال ... إلخ ، فلا يصحّ أن تواجَه بالقطيعة والعداوة والتراشق بالكلام المؤجِّج للخلاف، بل يجب العمل على حلِّها والمصالحة بين الاُسرتين ، عن طريق توسّط الأصدقاء ، أو بعض أفراد الاُسرة المقبولين لدى الطّرفين ..
وممّا يزيل الأزمة الزِّيارة والتسامح ونسيان أسباب المشكلة ، والدعوة إلى وليمة طعام ، أو سفرة عائلية مُشتركة ، أو إرسال الرّسائل وبطاقات المعايدة والاتصال التلفوني إذا كانت بين الاُسرتين مسافة بعيدة .. وإذاً فلنفهم الحياة الاجتماعية أ نّها تعارف ومحبّة وتعاون .. صوّر القرآن ذلك بقوله :
(يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر واُنْثى وَجَعَلْناكُم شُعُوباً وقَبائِلَ لِتَعارَفوا إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقاكُم ). ( الحجرات / 13 )
(وتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ والتّقْوَى ولا تَعاوَنوا على الإثْمِ والعُدْوان ).
(المائدة / 2 )
(واُولُوا الأرْحامِ بَعضُهُم أَوْلى بِبَعْض في كِتابِ اللهِ ). ( الأنفال / 75 )
ويوضِّح الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ رسالة الدِّين هي الحبّ الصّادق الطّهور ، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «وهل الدِّين إلاّ الحبّ» .. وإنّ خير النّاس هو خيرهم لأهله ، كما جاء في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي» .
* * *
وهكذا نفهم أنّ الاُسرة تصنع شخصيّة أبنائها ، وأبناؤها يمثِّلون شخصيّتها .. ولا سعادة للفرد مع شقاء الحياة في داخل الاُسرة .. والاُسرة الطّيِّبة تصنع
شخصيّات طيِّبة
اتمنى ان تكونو قد استفدتم .... تحياتي.