الجزء الثاني :
تمرين بسيط :
جربوا هذا التمرين: قبل ان تناموا قولوا و كرروا هذه العبارة عدة مرات باقتناع، اي انكم مقتنعين بقوة عقلكم الباطن وانه يستطيع فعل ذلك : اريد الاستيقاظ في الساعة ....... (( حددوا الوقت )) وسيوقظكم في هذا الوقت الذي حددتموه تماما ( تذكروا باقتناع تام حتى ينجح التمرين )
طريقة عمل عقلكم الباطن :
هناك مستويان لعلقكم المستوى الواعي و المستوى اللاواعي ( العقل الباطن ) ،فأنتم تفكرون بعقلكم الواعي ( او اي شيء تفكرون فيه باعتياد ) ، فهذا التفكيرالمعتاد يغرق في عقلكم الباطن الذي يبدع طبقا لطبيعة أفكاركم ، ان عقلكم الباطن يمثل مركز العواطف و الانفعالات و الابداع فاذا فكرتم في الخير ، سوف يتدفق الخير في عقلكم الباطن ، و اذا فكرتم في الشر سوف يتدفق الشر في عقلكم الباطن ، اذن هذه هي طريقة عمل عقلكم الباطن وهناك حقيقة عليكم ان تعرفوها وهي أن عقلكم الباطن يتعامل مع أفكار الخير و
الشر على حد المساواة فمثلما قلنا ، عندما يكون تفكيركم المعتاد بطريقة سلبية فإنه يكون السبب وراء فشلكم و احباطكم و تعاستكم ، ومن ناحية آخرى اذا كان تفكيركم المعتاد بطريقة ايجابية بناءة ، فإنكم ستتمتعون بالصحة الجيد و النجاح و الرفاهية وتحققون سعادتكم
هل تعلمون ماهو قانون عقلكم ؟
قانون عقلكم هو انكم ستحصلون على استجابة او رد فعل من عقلكم الباطن وفقاً لطبيعة الفكرة التي تحتفظون بها في عقلكم الواعي
ااذا يتقبل عقلكم الباطن ما يطبع بداخله او يؤمن به عقلكم الواعي ، انه لا يجادل عقلكم الواعي بل يطبق الاوامر على انها صحيحة وصادقة _ حتى لو كانت عكس ذلك _
يشير علماء واطباء النفس إلى ان الافكار عندما تنتقل إلى عقلكم الباطن فانها تحدث انطباعات من خلايا المخ ، و بمجرد ان يتقبل عقلكم الباطن اية فكرة فانه يبدأ في الشروع فورا في وضعها موضع التنفيذ ، ويعمل عقلكم الباطن من خلال ربط الافكار باستخدام كل معرفة اكتسبتموها في مراحل حياتكم لتحقيق الغرض المنشود ، ويعتمد عقلكم الباطن على الطاقة و القوة و الحكمة اللامحدودة الكامنة في داخلكم ، و في بعض الاحيان يظهر عقلكم أنه قادر على التوصل لحل فوري لمشاكلكم ، ولكن في اوقات آخرى قد يأخذ الامر أياما و اسابيع او أكثر من ذلك ، فاساليبه تفوق الحصر
فلنتعمق أكثر:
العقل الواعي يقال عنه احيانا بأنه العقل الظاهري ، اي انه يتعامل مع الاشياء الظاهرية و الخارجية ، و يكتسب الادراك و المعرفة للعالم الظاهر ، حيث يتعلم عقلكم الواعي من خلال الملاحظة و التجربة و التعليم ، ووسائل هذا العقل في الملاحظة هي الحواس الخمسة ، اي ان عقلكم الواعي موجه في اتصالكم بالبيئة المحيطة بكم ( البيئة الخارجية ) ، وان اعظم وظيفة لعقلكم الواعي هو التفكير
فمثلا لنفترض ان كل منكم ذهب إلى مكان محبب حيث الطبيعة الخلابة ، و المناظر الجميلة ، والانهار الجارية وما إلى غير ذلك ،
ستستنتجون ان هذا المكان جميل بناء على ملاحظتكم لهذه المناظر والحدائق و الانهار فهذا ما توصل إليه عقلكم الواعي( الظاهري)
أما عقلكم اللاواعي او الباطن و الذي يسمى ايضا بالعقل الغير ظاهري ، يفهم عن طريق الحدس او البديهة ، وهو مركز للعواطف و الانفعالات و مخزن الذاكرة كما تم توضيحه سابقا ، ويمتلك عقلكم الباطن القدرة على رؤية كل ما هو واقع وراء نطاق البصر وهو ما يطلق عليه الاستبصار او حدة الادراك فالعقل الباطن هو الذكاء الذي يظهر عندما يكون العقل الواعي في حالة نعاس او نوم او هدوء
فيما سبق عرفنا قانون العقل الباطن و هو ان عقلكم الباطن لا يجري المقارنات ، و لا يستخدم المنطق ولا يعتقد في الاشياء خارج نطاق ذاتيتها
ايضاهناك قانون آخر للعقل الباطن سنضيفه الآن وهو ان عقلكم الباطن مذعن للايحاء أي سهل الانقياد
قد يتسائل احد منكم : ما هو الايحاء ؟
الايحاء هو عمل او سلوك يستهدف وضع شيء ما في ذهن و عقل احد الاشخاص و هو عملية عقلية يقبل الشخص من خلالها الفكرة التي اوحيت إليه و يضعها موضع التنفيذ
القوة الرهيبة الكامنة في الايحاء:
إليكم هذا المثال الذي يوضح القوة الرهيبة للايحاء ، لنفترض ان احد طاقم سفينة اقترب من احد ركاب سفينة يبدو عليه القلق و الهلع وقال له ( انك تبدو مريضا ، ان وجهك يبدو عليه الشحوب ، انني اشعر بأنك ستصاب بمرض دوار البحر ، دعني اساعدك في الوصول إلى كبينتك ) سيتحول لون وجه الراكب إلى الاصفر ، فهل تعلمون لماذا ؟ لان ايحائه للراكب بأنه سيصاب بمرض دوار البحر ارتبط بمخاوف الراكب ذاته و هواجسه ، و قد قبل الراكب مساعدته له للوصول إلى كبينته وبالتالي اصبح ايحائه له أمرا واقعياً
ولكن تختلف ردود الفعل تجاه نفس الايحاء :
في الواقع ان الناس على اختلافهم يظهرون ردود فعل متباينة تجاه نفس الايحاء بسبب حالة العقل الباطن او معتقداته ، فلنفترض ان أحد طاقم السفينة ذهب إلى راكب آخر وقال له( انك تبدو مريضا جدا ، الا تشعر بأنك مريض انت تبدو لي أنك ستصاب بدوار البحر) وهنا اما ان يسخر من دعابته او لا يهتم بحديثه ، اذاً احائه للراكب بمرض دوار البحر لم يجد آذاناً صاغية من جانبه لان ايحائه هذا ارتبط في ذهنه بالمناعة ضد هذا المرض و بالتالي لا يسبب هذا الايحاء أي خوف أو قلق و لكنه يحقق الثقة بالنفس
اذا كل انسان لديه مخاوفه الخاصة داخل نفسه ، و لديه معتقداته و آراؤه ، و هذه الافتراضات الداخلية هي التي تحكم و تدير حياتنا ، و هذا الايحاء او الافتراض لا يمتلك القوة في حد ذاته إلا في حالة قبولكم له عقليا ، وهذا يؤدي إلى تدفق قوى عقلكم الباطن بطريقة مكبلة بالقيود ، ووفقا لطبيعة الافتراض أو الايحاء
القوة البناءة و الهادمة للايحاء:
كثير ما نصادف في حياتنا ايحاءات من قبل الاخرين و هذه الايحاءات تسمى بالايحاءات المتغايرة اي الايحاءات التي تأتي من شخص آخر ، و قد تكون بناءة و قد تكون هادمة فقد يستخدم البعض الايحاء في التدريب على الضبط و السيطرة على النفس ، و لكنه للاسف يستغل في قيادة الاخرين الذين لا يعرفون قوانين العقل و السيطرة عليها
واذا استخدم في شكله البناء يعطي شيئا رائعاً ، بينما اذا استخدم في شكله السلبي والهدام يصبح من اكثر العوامل الهدامة لانماط استجابة العقل و ينتج عن هذا الجانب السلبي للايحاء انماط من البؤس و الفشل و المعاناة و المرض
كثير منا ، في مراحل حياته قابل ايحاءات سلبية من قبل الاخرين او من قبل انفسنا قد نقبلها بدون وعي ومن هذه الايحاءات ( انت لا تستطيع ) ( إنك لن تبلغ او تصل إلى اي شيء ) ( انك سوف تفشل ) ( ما الفائدة لا احد يهتم ) ( ان الامور تزداد سوءا ) ( انك لن تستطيع ان تحقق النجاح ) ( ستصبح قريبا مفلساً )
ان هذه الايحاءات تهدم الانسان و تحطمه فاحذروا ، لا تطلقوا هذه العبارات على أنفسكم، فكل انسان لديه قوة و طاقة و موهبة سيتطيع ان يصل إلى ما يريد ، ويمكنكم رفض الايحاءات السلبية التي يطلقها الاخرين اتجاهكم ، فانتم لستم مضطرين بأن تتأثروا بايحاءات هدامة من الغير
انظروا حولكم ستجدون ان الاصدقاء و الاقارب و الاخوة كل منهم يسهم في حملة من الايحاءات السلبية ، و سوف تجدون الاكثير من هذه الايحاءات غرضها ان تجعلكم تفكرون و تشعرون وتتصرفون مثلما يريد الاخرون و بالوسائل التي تحقق مصلحتهم و للاسف ، فلا تسمحوا لهذه الايحاءات بهدمكم
قصة على لسان أحد الشباب :
عندما كنت في الثالثة عشرة من العمر ، كان لدي مدرس لا يحب احدا ، دائما يحبط الاخرين ، الكل كان يجتنبه ، في كل مرة عندما اشارك معه في الفصل و اجيب على اسألته التعجيزية كنت اشعر بالنصر ، و لكنه بدل ان يشجعني كان يحبطي ، كان يقول لي كثيرا من الكلمات السلبية ( هل تعتقد انك صنعت صاروخا ؟ هذا سؤال سهل ) ( لن تستطيع الاجابة على السؤال لانك فاشل ) وعبارات أخرى هادمة ، رغم اني كنت متفوق ، بعد فترة اصبت بالاحباط و تدنى مستواي الدراسي ، لاني سمحت لهذه
الايحاءات بدخولها لعقلي الباطن ، ولكن انقذني مدرس رائع ، الكل يحبه و يشهد باخلاقه العالية و حبه للاخرين ، وكان يقول لي دائما ( انك رائع ) ( انا متيقن بنجاحك ) ( لديك مواهب لا يملكها الكثيرين فاستغلها ) ومن هذه العبارات التي اعادت
ثقتي بنفسي و عدت مرة آخرى من المتفوقين فجازاه الله خيرا مدرسي الفاضل الذي لن انسى صنيعه ابدا ، اذاً هنا طرد عقلي الباطن العبارات السلبية واستبدلها بالعبارات الايجابية
كم هو جميل ان نساعد انسان في اعادة بناء نفسه واعادة الثقة إليها ، بدل من هدمه ، فلماذا لا نبدأ نحن اولا في انفسنا لنشعر بالسلام و السعادة ثم ننشر هذه السعادة في الاخرين