كم وددت أن ارسم هذه المدينة بين السطور..
كم وددت وكان ودي كبير أن أفك قيودها وأدمر حصونها..
لأرسم تفاصيلها..زواياها..خباياها..ملامحها..
وأجعلها جـــــــــــسرَا يمتد بين البحور..
هي المدينة التي سكنت طفولتي وهاهي تقتحم مراهقتي وعنفوان شبابي..
هي التي سكنتني ولم أسكنها يوما..
فوددت أن أجعلها محطة في حياتي وأكتبها بحبر هذا القلم المكسور..
وددت الحديث عن نخيلها..صحاريها..شوارعها وزرقة بحرها التي لم تغريني يوما فأنا التي
عشقت زرقة المتوسط دومـــــــــا
ربما لم استطع أن أرسم هذه المدينة على بياض ورقي لأننا نحن بفطرتنا دائما
نرسم الحلقة المفقودةالمروغة على بساط الحب
فنرسم ما نفقده لأننا نحبه أو نرسم ما نحبه لأننا نفقده ..
والمعادلة سواء من باب أن الماء هو الماء..
ألم تقل أحلام مستغانمي وهي تسرد "ذاكرة الجسد" أننا في النهاية لا نرسم ما نسكنه وإنما ما يسكننا.."
إذا فالجـــــــــــــــــــزائر هي التي تسكنني وأنا التي أسكن هذه المدينة الغريبة التي لم ترقص لها ريشتي ولا
حتى محبرتي
فلم أستطع أن أرسم تفاصيلها لأنها هي المدينة التي ترسم تفاصيل غربتي..
فكنت أرسم على البياض الذي يملأني
بحار الجزائر ووديانها..
جسور قسنطينة وجمالها..
جبال الصحاري ورمالها..
هذه هي المدينة التي لم أحيا إلا لكي لا اعشق غيرها..
هي ألف الكبرياء..جيم السحر والجمال..و راء العظمة..
هي الجزائر التي لم تكتسي سوى لون البياض...!
كيف لا وهي المعشوقة التي لا يكرهها عاشقها حتى وإن خانته...!
"كانت هذه تراتيل الغربة التي مازالت تهذي آناء الليل وبين طيات المطر والقمر.."
كل من مر من هنا لكم صافي الود..
جوجوكوستا