بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
اخواني الأعزاء :
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا" رواه الترمذي
أي أن الطير تصبح جائعة ضامرة البطون ليس في حوصلتها شيء من الطعام و ترجع آخر النهار و قد امتلات بطونها من رزق الله.
فهل نحن بالفعل نتوكل وما معنى التوكل ؟ وما علاقة التوكل بالأسباب ؟
التوكل على الله هو الثقة به و الاعتماد عليه و تفويض الأمر اليه و الاستعانة به سبحانه في كل شأن و الايقان بأن قضاءه نافذ و السعي فيما لا بد منه من مطعم و ملبس و مسكن.و التوكل محله
القلب طبعا فان تعسر شيء فبتقدير المولى عز و جل و ان تيسر شيء فبتيسيره.
والانسان وهو في صراعه مع الحياة تنتابه المخاوف و تعتريه الصعاب و تنزل به الآلام النفسية فلا يجد للحياة طعما ولا يستطيع أن يقوم بدوره الكامل فيها الا اذا استمتع بسكينة النفس و طمأنينة
القلب و سبيل ذلك أن يثق بالله تعالى و يحسن الظن به و يتوكل عليه.
ومن ثم كان التوكل على الله ضرورة لا يستغني عنها العالم و لا العامل ولا الرجل ولا المرأة ولا المحكوم ولا الحاكم ولا الصغير ولا الكبير لحاجة هؤلاء جميعا الى يد قوية تعينهم اذا أقدموا من جانب
وتمسح آلامهم اذا أخفقوا من جانب آخر.وقد دعا الله تعالى في أكثر من آية الى التوكل عليه قائلا سبحانه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
"وتوكل على الحي الذي لا يموت" سورة الفرقان الآية 58
التوكل و الأسباب :
حتما التوكل على الله لا ينافي اتخاذ الأسباب بل ان التوكل لا يصح الا اذا اتخذ الانسان لكل عمل يريده جميع الأسباب الموصلة الى تحقيقه فالله سبحانه قد ربط المسببات بأسبابها
والنتائج بمقدماتها. والانسان مسوق الى الأخذ بالأسباب بمقتضى فطرته و بمقتضى تكليف الله له و اهمال هذه الأسباب مناف للفطرة و مخالف لأمر الله جل في علاه و قد قال :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : "فامشوا في مناكبها و كلو من رزقه" سورة الملك الآية 15.
كما أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان سيد المتوكلين ومع ذلك كان يأخذ لكل أمر عدته و يستعد لملاقاة أعدائه الاستعداد الكامل و يتخذ جميع أسباب النصر وكان يعمل و يسعى للكسب و يأمر
غيره بالسعي و الكدح وما كان يترك السبب الذي جعله الله موصلا الى الغاية. حيث أن ترك السبب مخالفة للنظام الذي وضعه الله للحياة و ما كانت مخالفة هذا النظام موصلة الى شيء.
ومثل من ترك العمل راجيا أن يحصل على ما يريد كمن يريد أن يطير في الجو بلا جناح أو يريد الولد بلا زواج أو تحريك الآلات بلا وقود أو انبات النبات دون تعهد.
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
ان السفينة لا تجري على اليبس
اللهم اجعلنا من المتوكلين ولا تجعلنا من المتواكلين
اللهم صل و سلم على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين
دعاؤكم ان شاء الله