منذ الصباح، تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية بضرب وقصف قطاع غزّة. الإستراتيجية ذاتها كما في حرب تمّوز 2006، حصار ودعم رسمي عربي للحصار، ومن ثَم التصفية، في ظلّ صمت الانظمة العربية على اختلافها.
العدوان اليومي على غزة وكل فلسطين ليس عدواناً إسرائيلياً فقط، إنها حرب شنّتها الدولة الصهيونية متحالفة مع أنظمة القمع العربية. قامت ليفني (وزيرة الخارجية الاسرائيلية) الأربعاء الماضي بإعلان أن "إسرائيل سوف تغيّر واقع قطاع غزة"، ثمّ، يوم الخميس و"من القاهرة"، قامت بإعلان أن "الوضع سوف يتغيّر". وها نحن، بعد أقل من 48 ساعة من زيارة ليفني للقاهرة، نرى الغارات الإسرائيلية تفتك بالقطاع. والموقف الرسمي المصري لا يزال كما هو، يطالب "الطرفين بضبط النفس" ويجاهر ويقول "نحن قلنا لحماس بإيقاف الصواريخ وقلنا لإسرائيل بوقف ردود الفعل".
والحصار؟ والاحتلال؟ والتهجير؟ والمجازر؟ واللاجئين؟ كل هذا ردة فعل؟
لقد وصل النظام العربي إلى مرحلة من التواطؤ يصبح فيها من يصف النظام هذا بالتواطؤ، متواطئاً معه. لأن ما نشهده اليوم هو تحالف ودعم للعدوان. من ينظر إلى فلسطين اليوم وينادي بضبط النفس، هو كمن يريد فعلاً وضع ختم الصمت عن المجزرة التي تقوم بها هذه الأنظمة مجتمعة.
تقف الأنظمة العربية وحكومات الوحدة الوطنية لتشهد على مجزرة خططتها بأيديها ومواقفها السياسية، فالذي يدّعي اليوم أن الأمر "لا يعنينا" هو كالذي وقف في خضم حرب تموز ليرفض إيقاف العدوان. إن مسألة التضامن والمقاومة ليست واقعاً وطنياً فقط، بل هي في جوهرها انتفاضة على القمع والاحتلال والعدوان.
ما يعانيه أهل غزّة الآن هو ما عانيناه في حرب تموز، العدو نفسه، الطائرات الحربية نفسها، الموقف العربي نفسه، الموقف العالمي نفسه. وكما كان ردّنا في لبنان على العدوان الإسرائيلي بالمقاومة، علينا أن نرد اليوم بالمقاومة وحركات التضامن والمقاومة الشعبية في لبنان وفي المنطقة العربية والعالم. فنصر تموز جاء من خلال مَن حملوا السلاح وأيضاً من الذين خرجوا إلى الشوارع وتحدّوا حكوماتهم ليكسروا سياسات الصمت والقمع وللتضامن مع المقاومة في لبنان. لا يمكن أن نكسر الحصار وان نصدّ هذا العدوان إلا بكسر الصمت الرسمي، وذلك لا يتم إلا بالتوجه إلى الشارع، وبدأ عملية التصدي لهذه الخيانة المنظمة.