نعم قف إنها فرصة للمراجعة ، سنين مضت و أخرى تنتظر بإستعجال ألا يستحق منك هذا وقفة ...
وقفة كي تراجع علاقاتك بالآخرين ، أفراد أسرتك فردا فردا ، عائلتك ، جيرانك ،أصدقاؤك ... نعم كل هؤلاء ينتظرون منك وقفة واعية شجاعة .
كلنا بما فينا أنت لنا أخطاء إجتماعية ... حينما تكون في لحظات صدق ستتذكر ذلك العدد الهائل من الذين أنت مقصر في حقهم . جار طيب أصبحت لا تسأل عنه حتى في المناسبات ، زميل دراسة قديم أمضيت معه أفضل الأوقات و أصدقها ، أفراد من عائلتك فتحوا لك قلوبهم لكن قلبك و فكرك مشغول عن الكل ببعض تفاهات الحياة .
كم عدد من فقدت من محبين في مسيرتك سيدي ... كم نحن مقصرين في علاقاتنا الإجتماعية و ما مدى صدق إهتمامنا بالآخرين .... ثم ألم تلاحظ سيدي أن فقدانك لهم متعلق ببعض نجاحاتك المادية، ترى هل أصبحوا لا يسايرون مركزك ، هل من الممكن أن نحس أننا أكبر ممن يحبوننا و أنهم لا يصلحون لأن يكونوا داخل وسطنا الإجتماعي الذي نلهث وراء سرابه المخادع .
سيدي متى تعترف ولو بينك و بين نفسك أنهم هم من صنعوك فما أنت إلا جزء منهم ، سيدي ألم تلحظ أن الرجال أصبحوا بارعين في الهروب . هروب من مشاكلهم ، هروب من أنفسهم ، هروب من أسرهم،هروب هروب هروب ... لكن إلى أين ؟ و إلى متى ؟ لن تجد شاطئك الموعود لأنك تهرب منه ، سيدي أتدري أنك بعت بيئتك النفسية بأبخس الأثمان نعم قد هربت من مصدر قوتك الذي لا نجاح و لا رضى عن النفس من دون طرفك الآخر ....
لماذا أصبح المثقفون خاصة و الإطارات عامة فاشلون و منبوذون عائليا و إجتماعيا بصفة عامة ، هل فشلهم الأسري مثلا متعلق بإتقانهم لعبة إلقاء اللوم على الآخر ، هل سراب نجاحهم الموعود يفرض عليهم السرعة و بالتالي إختيار أسهل الحلول ...
ثم لماذا أيضا أصبحت المرأة تتعاطى بشكل سلبي مع قرارات الرجل الخاطئة ، لماذا لا تزال المرأة خائفة في مجتمعنا رغم أن كل المسؤوليات رماها الرجل و هرب ...
سيدتي قد إنهار من إنهار من الرجال إجتماعيا في مجتمعنا ، سيدتي لست نصف المجتمع كما يصورك البعض ، فأنت اليوم بلا أدنى شك المجتمع كله و كل الأمل معلق على مراجعتك الأمينة لمفهوم الحرية و بعدها الإنطلاق دون الإلتفات لأحد ودون إنتظار ولو كلمة شكر من هارب .
سيدي سواء أكنت من الفئة الهاربة أو تلك التي لازال فيها بعض صمود . فإنه من أول واجباتك الإعتراف علنية بدور المرأة و مقدرتها النادر على العطاء و التفاعل الإنساني الإحتماعي هذا حتى في أسوء الظروف التي عرفها مجتمعنا و كذلك حتى في تلك الظروف القمعية التي أجبرتها أنت على العيش فيها قبل أن تهرب و تترك كل واجباتك و ظنونك و أحكامك بفشلها هي أيضا .
المرأة في مجتمعنا لم تهرب و لم تفشل ، بل نجحت لأبعد الحدود في الحفاظ على توازن علاقاتنا الإجتماعية ...
حين نستمر في عيشنا منغلقين على ذواتنا نابذين للآخر ، متجنبين إياه مغالطين أنفسنا معتبرين ذلك نوع من العيش الذي يغلق باب المشاكل الإجتماعية مما يوفر لنا بعضا من الأمن الإجتماعي . ومع هذا فإن تفتحنا على الآخر و أخذ زمام المبادرة بما يضمن لنا نجاح عملية تسيير تفاعلاتنا مع الآخر و مهما كان هذا الآخر ... حينها سنحس بشيء كان مفتقدا في حياتنا المنغلقة و هو العيش في ظل الآمان الإجتماعي الذي توفره لنا علاقاتنا الإجتماعية الناجحة ، وشتان بين الأمن و الأمان.
لن نتطرق لغير مشاكل آدم المثقف لن ننزل للعمق و مشاكل عمق مجتمعنا لكننا سنتساءل: ما الذي ينقصنا من تحصيل معرفي أو تجارب حتى نسلم لأحكام القدر بمنطق راقي لا هروب فيه . نعم خلق الإنسان إجتماعي و لايزال إجتماعيا.